رسالة النقض من الرئيس

رسالة النقض من الرئيس

 

البيت الأبيض
مكتب السكريتر الصحفي
للنشر الفوري
23 أيلول 2016

رسالة النقض من الرئيس

إلى مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة الأمريكية
أُرد إليكم هنا عدم موافقتي على  مشروع قانون “قانون العدالة ضد رعاة الارهاب (جاستا)” والذي من شأنه بين أمور أخرى أن يرفع الحصانة السيادية في محاكم الولايات المتحدة عن الحكومات الأجنبية التي لم تُصنف كدول راعية للارهاب
لدي تعاطف عميق مع عائلات ضحايا الهجمات الارهابية في 11 أيلول من 2001 والذين عانوا بألم شديد. ولدي أيضاً تقدير عميق لرغبة هذه العائلات في تحقيق العدالة وأنا ملتزم بقوة بمساعدتهم في جهودهم
تماشياً مع هذا الالتزام، وعلى مدى السنوات الثمانية الماضية، أصدرت توجيهات لإدارتي للملاحقة المستمرة لتنظيم القاعدة وهي الجماعة الارهابية التي خططت لهجمات الحادي عشر من أيلول. وقد أدت الجهود البطولية لخبرائنا في الجيش ومكافحة الارهاب إلى تفكيك هذا التنظيم وقتل زعيمه بن لادن. وأيضاً دعمت إدارتي وبقوة التشريع الذي قمت بالتوقيع عليه كقانون الذي ضمن لأولئك الذين استجابوا بشجاعة في ذلك اليوم الرهيب والناجين الأخرين لتلقي العلاج من الاصابات الناجمة عن الهجمات. وأيضاً قامت إدارتي بإصدار توجيهات لدوائر الاستخبارات لإجراء مراجعة لرفع السرية عن “الجزء الرابع من تحقيق الكونغرس المشترك بخصوص نشاطات دوائر الاستخبارات قبل وبعد وقوع هجمات الحادي عشر من أيلول،” حتى يتسنى لعائلات الضحايا والعامة لفهم أفضل للمعلومات التي قام بجمعها المحققون بعد ذلك اليوم المظلم من تاريخنا
وعلى الرغم من هذه الجهود الكبيرة، إلا أنني أدرك أنه لا يوجد شيء أبداً يمكن أن يمحو الحزن الذي عانت منه عائلات الضحايا. ولذلك فإن إدارتي تبقى حازمة في التزامها في مساعدة هذه العائلات في سعيها لتحقيق العدالة والقيام بكل ما يمكننا لمنع وقوع هجوم آخر في الولايات المتحدة. غير أن سنّ قانون “جاستا” لن يحمي الامريكيين من الهجمات الارهابية ولن يحسّن من فعالية ردنا على هجمات مماثلة. وفي صيغته الحالية، فإن “جاستا” سوف يسمح برفع دعاوى قضائية خاصة ضد الحكومات الأجنبية في المحاكم الأمريكية بناء على ادعاءات بأن أفعال تلك الحكومات في الخارج جعلتهم مسؤولين عن الاضرار الناجمة عن افعال إرهابية على الأراضي الأمريكية. وسوف يسمح هذا التشريع بمقاضاة الدول التي لم تصنّف كدول راعية للارهاب من قبل السلطة التنفيذية ولم تقم بأعمال مباشرة في الولايات المتحدة لتنفيذ هجوم هنا. إن “جاستا” سيضر بالمصالح القومية الامريكية على نطاق أوسع، ولهذا أنا أرده من دون موافقتي
أولاّ، إن “جاستا” يهدد بالحد من فعالية استجابتنا للمؤشرات التي تدل على أن حكومة أجنبية قد اتخذت خطوات خارج حدودنا لتوفير الدعم للارهاب، ومن خلال سحب مثل هذه الأمور من أيدي الخبراء في الأمن القومي والسياسة الخارجية ووضعها في أيدي المتقاضين والمحاكم الخاصة
إن أي مؤشر على لعب حكومة أجنبية دوراً في هجوم إرهابي على الأراضي الأمريكية هو مدعاة للقلق العميق ويستحق رداً قوياً وموحداً من الحكومة الفيدرالية والتي تنظر بعين الاعتبار في مجموعة واسعة من الأدوات المهمة والفعالة المتاحة. إحدى هذه الأدوات هو تصنيف الجكومة الأجنبية المعنية كدولة راعية للارهاب، وهذا يحمل في طياته سلسلة من التداعيات، بما فيها تجريد الحكومة الأجنبية من حصانتها السيادية أمام محاكم الولايات المتحدة  في بعض القضايا المتعلقة بالارهاب وتعريضها لحزمة من العقوبات. ونظراً لهذه العواقب الوخيمة، فإن تصنيفات الدول الراعية للارهاب تتم فقط بعد أن يقوم خبراء الأمن الوطني والسياسة الخارجية والاستخبارات بمراجعة متأنية لكل المعلومات المتاحة لتحديد فيما إذا كان البلد يستوفي كل المعايير التي وضعها الكونغرس
وبخلاف ذلك، فإن “جاستا” يحيد عن المعايير والممارسة المعتمدة منذ وقت طويل تحت قانون “حصانات السيادة الأجنبية”. كما يهدد بتجريد جميع الحكومات الأجنبية من الحصانة من الإجراءات القضائية في الولايات المتحدة بالاستناد فقط إلى مزاعم من قبل أطراف متقاضية خاصة ان كان لسلوك حكومة أجنبية  دور أو صلة بمجموعة او فرد قام بتنفيذ هجوم ارهابي في الولايات المتحدة. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى اعتماد القرارات اللاحقة على معلومات منقوصة ومخاطرة توصل محاكم مختلفة إلى استنتاجات مختلفة حول ذنب الحكومات الأجنبية الفردية ودورها في الهجمات الارهابية الموجهة ضد الولايات المتحدة — وهو أسلوب غير فعال وغير منسق بالنسبة لنا للرد على مؤشرات تدل على أن حكومة أجنبية ربما قد تكون وراء هجوم ارهابي.
ثانياً، فإن “جاستا” سوف يتسبب بزعزعة المبادئ الدولية القائمة منذ فترة طويلة ووضع قواعد إذا ما طبقت على الصعيد العالمي يمكن ان يكون لها تداعيات خطيرة على المصالح القومية الأمريكية. وللولايات المتحدة حضور دولي أكثر بكثير عن أي بلد آخر وأسس الحصانة السياسية تحمي أمتنا وقواتنا العسكرية ومسؤولينا وخبرائنا من الخضوع لإجراءات المحاكم الخارجية. هذه الاسس أيضاً تحمي أصول الولايات المتحدة من محاولات الاستيلاء من قبل رافعي الدعاوى الخاصة في الخارج. إن رفعت الحصانة السيادية في المحاكم الامريكية عن الحكومات الأجنبية والتي لم يتم تصنيفها كدول راعية للارهاب بالاستناد فقط إلى مزاعم أن أفعال تلك الحكومات في الخارج كان لها علاقة بالاضرار الناجمة عن الارهاب على الأراضي الأمريكية، يهدد بتقويض هذه المبادئ القائمة منذ وقت طويل والتي تحمي الولايات المتحدة وتحمي قواتنا وموظفينا
وفي الواقع، فإن المعاملة بالمثل تلعب دوراً كبيراً في العلاقات الخارجية. ولدى العديد من البلدان الأخرى بالفعل القوانين التي تسمح بتعديل حصانات دولة أجنبية على أساس المعاملة التي تتلقاها حكوماتهم في محاكم الدولة الأخرى. سوف يشجع سنّ قانون “جاستا” الحكومات الأجنبية بالعمل على أساس المعاملة بالمثل والسماح لمحاكمها المحلية بممارسة الولاية القضائية على الولايات المتحدة أو على مسؤوليها — بما في ذلك رجالنا ونسائنا في القوات المسلحة — عن طريق الزعم بالتسبب بوقوع اصابات في الخارج جراء دعم الولايات المتحدة لأطراف ثالثة. وهذا يمكن ان يؤدي إلى رفع دعاوى قضائية ضد الولايات المتحدة أو ضد المسؤولين في الولايات المتحدة بسبب أفعال قام بها أعضاء مجموعة مسلحة تلقت مساعدة من الولايات المتحدة، أو أساءت استخدام معدات عسكرية أمريكية، أو بسبب انتهاكات ارتكبت من قبل وحدات شرطة تلقت تدريباً في الولايات المتحدة، أو حتى ولو كانت الادعاءات قيد البحث في نهاية الأمر من دون أساس قانوني. إذا تمكن أي من هؤلاء المتقاضين بالفوز بأحكام قضائية — على أساس القوانين المحلية الأجنبية التي تطبقها المحاكم الأجنبية — سوف يبدؤون بالنظر إلى أصول الولايات المتحدة الموجودة في الخارج لتلبية هذه الأحكام، وسيكون لهذا عوافب مالية خطيرة محتملة للولايات المتحدة
وثالثاً، فإن “جاستا” يهدد بخلق تعقيدات في علاقاتنا حتى مع أقرب شركائنا. إذا ما تم سن قانون “جاستا”، فإنه من المحتمل أن تنظر المحاكم حتى في أدنى المزاعم التي تتهم حلفاء الولايات المتحدة وشركائها بالتواطؤ في هجوم ارهابي ما في الولايات المتحدة بشكل كافي لفتح باب التقاضي على مصراعية ضد دولة أجنبية — على سبيل المثال، البلد الذي سافر منه أو قاد لتطرف الفرد الذي ارتكب عملاً ارهابياً فيما بعد. وقد قام عدد من حلفائنا وشركائنا بالاتصال بنا بالفعل والتعبير عن مخاوف جدية بخصوص مشروع القانون. من خلال تعريض حلفائنا وشركائنا لهذا النوع من المقاضاة في المحاكم الأمريكية، فإن “جاستا” يهدد بالحد من تعاونهم في قضايا الأمن القومي الرئيسية، بما في ذلك المبادرات المتعلقة بمكافحة الارهاب في وقت حرج نحاول فيه بناء التحالفات وليس خلق الانقسامات.
لقد كانت هجمات الحادي عشر من أيلول أسؤ عمل إرهابي على الأراضي الأمريكية، وقوبلت باستجابة لم يسبق لها مثيل من قبل حكومة الولايات المتحدة. وقد اتخذت الولايات المتحدة إجراءات قوية وواسعة النطاق لتقديم العدالة لضحايا الهجمات وحماية سلامة الأمريكيين من خلال تقديم تعويضات مالية للضحايا وعائلاتهم والقيام ببرامج لمكافحة الارهاب في مختلف أنحاء العالم من أجل توجيه اتهامات جنائية ضد الأفراد المذنبين. وقد واصلت وتوسعت في هذه الجهود وذلك لمساعدة ضحايا الارهاب في تحقيق العدالة لفقد ومعاناة ذويهم، ولحماية الولايات المتحدة من الهجمات في المستقبل. لكن قانون “جاستا” لا يساهم في تحقيق هذه الأهداف ولا يعزز سلامة الأميركيين من الهجمات الارهابية ويقوض مصالح الولايات المتحدة الأساسية
لهذه الأسباب، يجب أنا استخدم حق النقض ضد مشروع القانون
باراك أوباما
البيت الأبيض
23 أيلول 2016