خطاب المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لهزيمة داعش إلى أعضاء التحالف

أعزاءنا شركاء التحالف،

أوجه لكم خطاباً لاستعراض إنجازات التحالف الدولي لهزيمة داعش والذي يضم 74 عضواً في خلال العام الماضي واستعراض الأمور الكثيرة التي ما زال ينبغي القيام بها في العام 2018.

أولاً، هنّأنا حكومة العراق على التحرير الكامل للأراضي العراقية من سيطرة داعش. لا يمكن التقليل من صعوبة هذا الإنجاز الذي كان نتيجة مباشرة للقيادة القوية لرئيس الوزراء العبادي والجهود البطولية لقوات الأمن العراقية والبشمركة الكردية، الذين فقد الكثير منهم أرواحهم في قتال داعش بالنيابة عنا جميعاً. وبوصفنا تحالفاً، فقد كنا فخورين بدعم شركائنا العراقيين في هذه الحملة الشرسة، بما في ذلك تدريب أكثر من 126 ألفاً من أفراد قوات الأمن العراقية ودعم مبادرات الاستقرار والمساعدات الإنسانية في أعقاب العمليات العسكرية.

علينا الآن المتابعة. وسيتطلب عملنا في خلال العام القادم جهوداً مكثفة لتحقيق استقرار المجتمعات المحررة من داعش. ونثني على الشركاء الذين ساهموا في تسهيل التمويل للاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. لهذا البرنامج سجل ملحوظ من الإنجازات: 2.8 مليون عراقي في منازلهم بدون أن تستعيد داعش أي متر مربع من الأراضي. من الموصل إلى الرمادي والفلوجة وتكريت، رأينا المجتمعات تعود إلى الحياة بسبب مرونة الشعب العراقي والشراكة بين حكومة العراق وتحالفنا من خلال تسهيل التمويل للاستقرار.

يواجه برنامج تسهيل التمويل للاستقرار الآن عجزاً يبلغ نحو 300 مليون دولار. ويعتبر سد هذه الفجوة أولوية ملحة، وبخاصة في غرب الموصل، بحيث لا يزال مئات الآلاف نازحين. وأنا واثق من أنّ تحالفنا سيستجيب إلى الدعوة إلى سد هذه الفجوة بل ويتخطى ما هو مطلوب – من الآن وحتى اجتماعنا الوزاري المقبل في مدينة الكويت مطلع العام المقبل. وسيكون هذا اجتماعاً هاماً، ونحن ممتنون لشريكنا الحيوي الكويت الذي وافق على استضافتنا، وكذلك استضافة مؤتمر إعادة الإعمار للعراق الذي شارك البنك الدولي في رعايته.

وبما أنّ تحالفنا لا يزال يركز على تحقيق الاستقرار على أساس الأولوية، فإنّ إعادة الإعمار في العراق على المدى الطويل بدأت أيضاً بفضل جهود البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وإصلاحات حكومة العراق. وقد ساعدت هذه المبادرات مجتمعة على استقرار الاقتصاد العراقي وحقنت مليارات الدولارات في المناطق التي هي في أمس الحاجة إليها. وستكون عملية إعادة الإعمار عملية متعددة السنوات تعتمد على الإصلاحات العراقية والتمويل الدولي والتجارة الإقليمية وتهيئة الظروف للاستثمار الخاص. لقد رحبنا بالانفتاح التاريخي بين شركائنا في المملكة العربية السعودية والعراق هذا العام، ونتطلع إلى اجتماعات إعادة الإعمار في مدينة الكويت.

ومن الجانب الأمني، سنواصل دعم قوات الأمن العراقية أثناء انتقالها من القتال الكبير إلى عمليات الاستقرار مع التركيز على التدريب والخدمات اللوجستية والاستخبارات وحماية الحدود ودعم مكافحة الإرهاب. وسيتواصل فريقنا العسكري بقيادة المركز مع نظرائه في عواصم المساهمين العسكريين، ونحن نعمل على دعم حكومة العراق لضمان ألا يتمكن تنظيم داعش مرة أخرى من ترهيب المواطنين العراقيين وتهديد وطننا.

في سوريا، أحرزنا تقدماً كبيراً في العام 2017، مع التركيز على هزيمة داعش وتصعيد الحرب الأهلية الكامنة التي أوجدت الظروف لداعش والجماعات المتطرفة الأخرى للنمو وإيجاد ملاذ. ونحن ممتنون لجهود شريكنا المؤسس تركيا في وقف تدفق المقاتلين الأجانب إلى داخل سوريا ومنها واستضافة أكثر من 3 ملايين لاجئ.

وأود أيضاً أن أشيد بشريكنا، قوات سوريا الديمقراطية، على تضحياتهم في تحرير ما يقرب من 50 ألف كيلومتر مربع من داعش، بما في ذلك الرقة، التي كانت عاصمة داعش بحكم الأمر الواقع. في بداية هذا العام، كان تنظيم الدولة الإسلامية يخطط لهجمات خارجية كبيرة من الرقة. اليوم، لم تعد الرقة ملاذاً لداعش، وذلك بفضل قوات سوريا الديمقراطية التي تكبدت أكثر من ألف إصابة في معركة صعبة للغاية استمرت خمسة أشهر.

لا تزال المعركة مستمرة في سوريا. وبينما أكتب هذه الرسالة، تشارك وحدات قوات سوريا الديمقراطية في عمليات لإزالة داعش من وادي نهر الفرات، ونتوقع أن تستمر هذه العمليات في خلال الربع الأول من العام 2018. ثم يتحول التركيز إلى الاستقرار، والولايات المتحدة على استعداد للبقاء في سوريا حتى نتأكد من أنّ داعش قد هزمت، ويمكن الحفاظ على جهود تحقيق الاستقرار، وثمة تقدم ملموس في العملية السياسية التي تتخذ من جنيف مقراً لها بموجب قرار مجلس الأمن 2254، مما أدى في نهاية المطاف إلى الإصلاح الدستوري والانتخابات التي تشرف عليها الأمم المتحدة.

وكما هو الحال في العراق، سوف نحتاج إلى مساهمات كبيرة من التحالف لدعم الاستقرار في مناطق سوريا، مما ساعدنا على التحرر من داعش. الاستقرار هو عمل غير سياسي وعمل منقذ للحياة: إزالة المتفجرات من مخلفات الحرب واستعادة المياه والكهرباء والخدمات الصحية. أود أن أطلب منكم جميعاً إيجاد سبل للمساهمة، سواء من خلال الصندوق الاستئماني للإنعاش السوري أو المنظمات غير الحكومية الميدانية في سوريا أو وسائل منسقة أخرى. ومن خلال اتحاد المانحين الذي أنشأه التحالف هذا العام في عمان، يمكننا ربط خبرائكم بمشاريع محددة وأساسية، مثل إزالة الألغام من البنية التحتية الحيوية في الرقة، وإعادة تشغيل محطات ضخ المياه، أو تجديد شبكات الكهرباء. هدفنا هو تمكين عودة السوريين النازحين بسبب داعش ومساعدة المواطنين المحليين على تولي مسؤولية مناطقهم فيما نعمل على تسوية وطنية في جنيف.

خارج العراق وسوريا، لا يزال تحالفنا يركز على شبكات داعش والمنظمات التابعة لها. وفي الاجتماع الوزاري الذي استضافه الوزير تيلرسون في آذار/مارس، أكدنا من جديد على المبدأ الذي يقضي بأنه ثمة حاجة إلى شبكة عالمية لهزيمة شبكات داعش المالية والدعاية والإرهابية الأجنبية. وقد عززنا منذ ذلك الحين صلاتنا العالمية في هذه المجالات، ووسّعنا من منصات تبادل المعلومات التي لم يسبق لها مثيل لحماية أوطاننا، واقتلاع خلايا داعش، ومكافحة دعاية داعش على الإنترنت. وقد أوقفت هذه الجهود الهجمات، وسيتم تعزيزها في العام 2018.

ومما له دلالته أنّ لشريكنا في التحالف الانتربول 43 ألف اسم في قاعدة بياناته في داعش بمساهمات من 60 شريكاً ومعلومات جمعت من ساحات القتال في العراق وسوريا. وبفضل الجهود التي بذلها الكثيرون في التحالف، أصدر مجلس الأمن الدولي هذا الشهر القرار رقم 2396 الذي يكمل عملنا ويزيد من التركيز على التدابير الرامية إلى التصدي للعودة وإعادة الانتقال إلى صناديق التبرعات الاستئمانية. كما أنّ القطاع الخاص ملتزم تماماً بإزالة دعاية داعش على الإنترنت، وقد احتل شركاؤنا الرئيسيون في المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والإمارات وماليزيا الصدارة في مكافحة داعش في الفضاء الإلكتروني. يقدّم تحالفنا على تويتر تحديثاً منتظماً لأنشطتنا، كما أنّ العمل المبتكر لمركز صواب في دولة الإمارات العربية المتحدة ومركز اعتدال في المملكة العربية السعودية يخفي الآن المحتوى المتطرف ويكشف أكاذيب داعش.

ندخل العام 2018 مع العلم أنه علينا أن نستمر في العمل جنباً إلى جنب – شركاء التحالف والمنظمات الدولية ووكالات إنفاذ القانون والقطاع الخاص – للحفاظ على تقدمنا. يقتضي هدفنا الجماعي بالتوصل إلى تحالف دولي للضغط وخنق داعش في أي مكان قد يسعى فيه إلى الظهور أو جمع الأموال أو إرسال عناصر عبر الحدود. وسيعمل قرار مجلس الأمن رقم 2396 على تمكين عملنا مع الأحكام الرئيسية المتعلقة باستخدام بيانات المسافرين في فحص الحدود وجمع واستخدام المعلومات الحيوية للتحقق من الهوية وتحديد حركات داعش.

وأخيراً، أود أن أرحب بأعضائنا الجدد أي جيبوتي وتشاد والنيجر وإثيوبيا والكاميرون. وتسلط عضويتكم الضوء على تركيزنا المتزايد على داعش وغيرها من الشبكات المتطرفة في أفريقيا، وبخاصة وأننا ندعم شريكنا ليبيا فيما يعيد بناء نفسه بعد عمليات ناجحة لإطاحة داعش من سرت. وكنا فخورين أيضاً بالترحيب بحلف شمال الأطلسي في وقت سابق من هذا العام، والاعتراف بقدراته الحاسمة في مكافحة الإرهاب ودوره الهام في تدريب القوات العراقية.

وبالنيابة عن الرئيس ترامب والوزير تيلرسون، نشكركم جميعاً على مشاركتكم في ما أصبح الآن أكبر تحالف من نوعه في العالم. شكراً لكم مقدماً على العمل التاريخي الذي سنواصل القيام به معاً في العام 2018.

بكل إخلاص،
بريت ه. ماكغورك
المبعوث الرئاسي الخاص